جزاء من اجتهد النجاح…وجزاء من تقاعس الفشل

liverpool vs barcelona

نجد في الحياة دوما فئتين من الناس، فئة نجحت وحققت الأهداف التي سطرتها وإن كان بعضها يبدو صعب المنال في البداية، وفئة فشلت ولم تحقق شيئا على الرغم من الموهبة التي أودعها الله فيها لأنها اغترت بها ورضيت بما لديها واستكانت. ويصلح هذا المثل ليضرب في جميع المجالات، فالنجاح هنا لا يعني عدم الفشل نهائيا وإنما استخلاص الدروس من الأخطاء وعدم تكرارها والنهوض بعد كل سقطة، بينما الفشل الحقيقي وهو عدم الثقة في النفس وفي القدرات ورفع راية الاستسلام بعد أول تعثر من جهة، والغرور من جهة أخرى.

أعطتنا كرة القدم عبر التاريخ دروسا في معنى الإصرار والعزيمة وتتبع طريق النجاح وعدم الاكتراث بالمطبات والعراقيل، وخير مثال على ذلك ما حدث هذا الأسبوع في مباراتي إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، الأولى حلَّ فيها فريق برشلونة ضيفا على ليفربول والثانية استضاف خلالها فريق أجاكس أمستردام خصمه توتنهام. وتعكس هاتان المباراتان مصير من يسعى وراء تحقيق هدفه رغم صعوبة الأمر ومن يغتر بقوته ويظنها تمنعه من خطر المنافس وأيضا من يرتكب خطأ لا يُغتفر ويعود بعد وقت قصير ليسقط فيه.

حلَّ قبل سنة تقريبا وبالضبط يوم العاشر من شهر أبريل سنة ألفين وثمانية عشر فريق برشلونة ضيفا ثقيلا على فريق روما وهو منتشٍ بفوزه ذهابا بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، نتيجة جعلت الفريق الكتالوني يظن أن رحلته إلى روما ما هي إلا نزهة وأن التأهل إلى المربع الذهبي مضمون، خاصة أن روما لا ينتمي إلى مصاف الفرق الكبيرة على الصعيد الأوروبي، وبما أن زمن المعجزات قد ولَّى فروما في طريقها نحو الإقصاء. وقع ما يشبه المعجزة فعلا في مباراة الإياب وفاز فريق روما وأُقصي برشلونة.

أخطأ مدرب ولاعبو برشلونة عندما وصفوا المهمة التي تنتظر روما بالمستحيلة، فاستحقروا خصمهم ونالوا جزاء من يستصغر الآخر وتلقت شباكهم ثلاثة أهداف وظلوا عاجزين عن إبداء أي ردة فعل ليكون مصيرهم الفشل والخروج من البطولة صاغرين. دخل برشلونة من جديد مباراته ضمن إياب نصف نهائي أغلى المسابقات الأوروبية هذا الموسم وهو قاب قوسين أو أدنى من بلوغ النهائي بعد سحقه لضيفه ليفربول ذهابا بثلاثية نظيفة؛ قيل قاب قاسين أو أدنى لأن فريق مثل برشلونة لا يمكن أن يقع في الخطأ نفسه مرتين.

جاءت مباراة الإياب في معلب الأنفيلد لتذكرنا بمباراة روما التي تبقى صفحة سوداء في كتاب تاريخ برشلونة مع اختلاف المكان والمنافس، وتلقت شباكه أربعة أهداف قاسية كلفته إقصاء مذلا آخر بعد مرور نحو عام عن كارثة روما. لم يستفد برشلونة من الأخطاء القاتلة التي ارتكبها المدرب نفسه واللاعبون ذاتهم باستثناء ثلاثة لاعبين لم يكونوا حاضرين في تلك المواجهة، ليكون مصير من يغتر بقوته ولا يستخلص الدروس من إخفاقاته كحال فريق برشلونة الفشل لا محالة.

ويجسد فريقا ليفربول وتوتنهام الفئة الناجحة في الحياة والتي لم يمنعها السقوط من النهوض والسير قدما نحو النجاح. بدا من شبه المستحيل أن يتمكن ليفربول من العودة في نتيجة مباراة الذهاب التي سجل فيها برشلونة ثلاثية نظيفة، خاصة بسبب الغيابات الوازنة في صفوف ممثل الكرة الإنجليزية وفي ظل وجود لاعب مثل ميسي الذي من الغريب ألا يسجل في هذه المباريات. آمن جمهور ليفربول بلاعبي فريقهم وآمن المدرب واللاعبون بأنفسهم وبدأوا منذ صافرة الحكم حملة تحقيق النجاح فكان لهم ما أرادو وسجلوا أربعة أهداف قادتهم نحو المباراة النهائية.

ومن جهة ثانية، انهزم فريق توتنهام في مباراة الذهاب على أرضه وأمام جمهوره بهدف دون رد أما فريق أجاكس أمستردام الهولندي، وأنهى الفريق الإنجليزي الشوط الأول من مباراة العودة منهزما في النتيجة بفارق هدفين جعلت مهمته في التأهل تتعقد بشكل كبير. لم يتبق سوى شوط واحد أمام توتنهام ليحقق هدفه الصعب والمتمثل في تسجيل ثلاثة أهداف دون أن تتلقى مرماه أي هدف، وفعلا نجح الفريق في تسجيل هدفين وواصل لاعبوه البحث عن الهدف الثالث الذي يعني التأهل للنهائي دون يأس حتى نالوا مرادهم في آخر دقيقة من عمر المباراة.

فاز الفريقان اللذان آمنا بحظوظهما ولم تثنيهما لا نتيجة مباراة الذهاب ولا قيمة الفريقين المنافسين عن الاجتهاد والمحاولة إلى غاية آخر رمق، فنالا جزاء من اجتهد وأصاب. وعوقب الفريق الذي أبى أن يتعلم من أخطائه القاتلة وكررها مجددا وغره اسمه وامتلاكه للاعب استثنائي قادر على أن يحمل الفريق لوحده على أكتافه عقابا شديدا لعله يتعظ في المستقبل.

Crédit image

رأي واحد حول “جزاء من اجتهد النجاح…وجزاء من تقاعس الفشل

اضافة لك

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑